خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما 21/10/2011
واشهد ان لا اله الا الله ذي العزة والقدرة والملكوت، والقهر والقوة والجبروت، لا إله إلا هو يحيي ويميت وهو حي لا يموت، قاصم الجبابرة قهرا، وكاسر الأكاسرة كسرا، وواعد المؤمنين من لدنه نصرا، يا من يرى ما في الضمير ويسمع أنت المعد لكل ما يتوقع يا من يرجى للشدائد كلها يا من إليه المشتكى والمفزع مالي سوى قرعي لبابك حيلة فلئن رددت فأي باب أقرع وأشهد أن... يقول: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)العزة والمجد والمنعة لمن أطاعه واتبعه، والذلة والصغار والشنار لمن عصاه وخالف أمره، صلى عليك الله... أما بعد: فأوصيكم... عباد الله: قال تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} أي إذا سفه عليهم الجهال بالقول السيء لم يقابلوهم عليه بمثله بل يعفون ويصفحون ولا يقولون إلا خيراً كما كان رسول اللّه e لا تزيده شدة الجاهل عليه إلا حلماً، يخاطبني السفيه بكل قبح، واكره ان اكون له مجيب، يزيد سفاهة فأزيد حلما، كعود زاده الاحراق طيب، فهم اكرم من ان يتلفتوا إلى حماقة الحمقى وسفه السفهاء, ولا يشغلون بالهم ووقتهم وجهدهم بالاشتباك مع السفهاء والحمقى في جدل أو عراك فيترفعون عن المهاترة مع المهاترين الطائشين، لا عن ضعف ولكن عن ترفع ولا عن عجز إنما عن استعلاء بالطاعة والعفاف والتواضع. والعلم بالله والخوف منه والمعرفة بأحكامه والخشية من عذابه وعقابه يقول e (من كظم غيظًا وهو قادرٌ على أن ينفِذَه دعاه الله على رؤوسِ الخلائق حتى يخيِّرَهُ من أيِّ الحور شاء).
سلامة صدرِ المرء من الغشَش وخُلوّ نفسِه من نزعةِ الانتصار للنَّفس والتشَفِّي لحظوظِها لهي سِمَة المؤمن الصالح الهيّن اللَّيِّن الذي لا غلَّ فيه ولا حسَد، يؤثر حقَّ الآخرين على حقِّه، ويعلم أنَّ الحياةَ دارُ ممرٍّ وليسَت دار مَقرٍّ؛ إذ ما حاجةُ الدنيا في مفهومه إن لم تكُن موصِلَةً إلى الآخرة؛ بل ما قيمةُ عيشِ المرء على هذه البسيطة وهو يَكنِزُ في قلبه حبَّ الذات والغِلظة والفَظاظَة و يُفرِزُ بين الحين والآخر ما يؤكِّد من خلالِه قَسوَةَ قلبِه وضيق عَطَنه؟! وقال e: (ما مِن عبدٍ ظُلِمَ بمظلمةٍ فيُغضِي عنها لله إلاَّ أعزَّه الله تعالى بها ونصَره). فهذِه هي العِزَّة يا باغيَ العزة، وهذه هي الرِّفعة يا من تنشُدُها. إنها رِفعة وعِزّة في الدنيا والآخرة، كيف لا وقد وعد الله المتَّصفِين بها بقولِه تعالى {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ}. والكاظمون الغيظ هم الذين لا يُعْمِلون غضَبَهم في الناس، بل يكفّون عنهم شرَّهم، ويحتسِبون ذلك عند الله عز وجل، أمّا العافون عن الناس فهم الذين يعفونَ عمَّن ظلمَهم في أنفسهم، ومن كانت هذه سجيَّته فليبشِر بمحبَّةِ الله له حيث بلَغَ مقامًا من مقاماتِ الإحسان، {وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ} شِعار الصالحين الأنقِيَاء ذوِي الحِلم والأناة والنّفس الرضيّة؛ لأنَّ التنازلَ عن الحقِّ نوعُ إيثارٍ للآجلِ على العاجل وبسطٍ لخُلُقٍ نقيٍّ تقيٍّ ينفُذ بقوّةٍ إلى شِغاف قلوب الآخرين، فلا يملِكون أمامه إلا إبداءَ نظرةِ إجلالٍ وإكبار لمن هذه صفتُه وهذا ديدَنُه.
إنَّ العفو عن الآخرين ليس بالأمرِ الهيِّن إذ له في النّفسِ ثِقلٌ لا يتِمّ التغلُّب عليه إلاّ بمصارعةِ حبِّ الانتصار والانتقامِ للنفس، ولا يكون ذلك إلا للأقوياءِ الذين استعصَوا على حظوظ النّفس ورغباتها وإن كانت حقًّا لهم يجوزُ لهم إمضاؤُه لقوله تعالى: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ}.
فإنّ العفو والتجاوز لا يقتضِي الذّلَّةَ والضعف، بل إنه قمَّة الشجاعة والامتنانِ وغلَبَة الهوى، لا سيَّما إذا كان العفوُ عند المقدِرَة على الانتصار، فقد بوَّب البخاريّ رحمه الله في صحيحه بابًا عن الانتصارِ من الظالم لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ}، وذكَرَ عن إبراهيم النخعيّ قوله: "كانوا يكرَهون أن يُستَذَلّوا، فإذا قدروا عفَوا"
ألا إنَّ الانتصارَ للنفس من الظلمِ لحقّ، فالوَيل ثمّ الويل لمن كان لعباد الله ظلومًا، وللمسلمين مضطهِدًا شِرِّيرًا، قال e: (إنّ الله يعذِّب الذين يعذِّبون النّاس في الدنيا).
فلا ينفع مع الاعداء الذل والهوان ونقول نسامح ونغفر، فاليهود ما نفع لتحرير الاسرى لا معاهدات ولا مفاوضات ما نفع معهم الا بالأسر منهم، والظالمون الذي يقتلون ويعذبون ويسجنون ويحرمون الناس لا ينفع معهم الا الضرب عليهم بيد من حديد حتى ينتهوا، وصدق الله تعالى: {محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم}.
حاتم جميل السحيمات
الثلاثاء يناير 07, 2014 8:22 am من طرف حاتم السحيمات
» اكبر خمس اخطاء في التاريخ
السبت فبراير 16, 2013 1:57 am من طرف حسين الدرادكة
» قلوب بحاجة الى ..... delete
الجمعة أغسطس 10, 2012 1:33 am من طرف rbbe sahel amre
» الاقلام العملاقة...
الجمعة أغسطس 10, 2012 1:31 am من طرف rbbe sahel amre
» سر ألوان الفراشات
الخميس أغسطس 09, 2012 5:14 am من طرف حسين الدرادكة
» قلب يُخجِل من حوله ..
الخميس أغسطس 09, 2012 5:12 am من طرف حسين الدرادكة
» برنامج الصائم...
الأربعاء أغسطس 08, 2012 11:44 pm من طرف حسين الدرادكة
» الإعجاز العلمي في القرآن الكريم
الخميس يونيو 07, 2012 12:42 am من طرف rbbe sahel amre
» الاعجاز اللغوي والبياني في القرأن الكريم
الخميس يونيو 07, 2012 12:40 am من طرف rbbe sahel amre